حوكمة الشركات تعزز الاستقرار المالي وتستقطب الاستثمارات إلى منطقة الخليج

Press Release

حوكمة الشركات تعزز الاستقرار المالي وتستقطب الاستثمارات إلى منطقة الخليج

أولت الجهات المنظمة للخدمات المالية في دول مجلس التعاون الخليجي أهميةً لحوكمة الشركات عبر سنّ القوانين والتشريعات التي تهدف إلى تطبيقها. فمن جهته، قام السادة/ مصرف قطر المركزي بتحديد مبادئ حوكمة الشركات للبنوك والمؤسسات المالية. وتتولى الرقابة الميدانية لديه مهمة الإشراف عليها كجزء من مؤشرات تقييم مخاطر المؤسسات المالية. وأما مركز قطر للمال، فقد أصدر مؤخراً قوانين جديدة بخصوص الحوكمة وإدارة المخاطر والتي تتطلب من المؤسسات الخاضعة لإشرافه والمرخّصةّ من قبله، اعتماد وتأسيس إطار عمل رسمي للحوكمة، وإطار عمل لإدارة المخاطر والضوابط الداخلية، وسياسة المكافآت. وبنفس السياق، قامت مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) بطرح مبادئ حوكمة الشركات وهو الأمر الذي يمثل خطوةً من المملكة العربية السعودية نحو فتح السوق السعودي أمام الاستثمارات الأجنبية والتي من شأنها أن تؤدي إلى محاولة قيام المؤسسات تحسين ممارسات حوكمة الشركات لديها. وأما في سلطنة عُمان، فالتشريعات المصرفية هناك تغطي المهام، وممارسات أعضاء مجلس الإدارة، والمسؤولين والموظفين في القطاع المصرفي.

وتتضمن النواحي الرئيسية للحوكمة التي سيجري التركيز عليها في القطاع المصرفي الخليجي تعزيز دور مجلس الإدارة، وتحسين حقوق المساهمين، وحماية المساهمين الصغار، والمعاملات ذات الصلة بأصحاب المصلحة، وإدارة مخاطر المؤسسات. فبعد الأزمة مباشرة، قام السادة/ مصرف قطر المركزي بإجراء تقييم استباقي لمختلف التعرضات كمثل الأوراق المالية وأسواق العقارات في كافة البنوك القطرية وذلك وفقاً إلى سيناريوهات تحمل متعددة. وعليه تعين على البنوك القطرية إنشاء احتياطي من أجل تغطية الحالات غير المتوقعة في القروض والسلف بحد أدنى يتراوح بين 1.5% -2% وذلك بعد استبعاد المخصصات والتعرضات التي يقابلها ضمانات نقدية.

وقد قامت الجهات التنظيمية في قطر ودول مجلس التعاون الخليجي بعد حدوث الأزمة إلى تبني إصلاحات تنظيمية عدة من أجل تعزيز إدارة المخاطر في البنوك. وفي هذا الخصوص، تم الإعلان في قطر عام 2011 عن تطبيق تشريعات أكثر صرامةً على الإجراءات المتعلقة بمنح القروض الشخصية تشمل سقوفها الائتمانية ومددها الزمنية بالإضافة إلى فرض قيود على تحويلات القروض. وفي نفس العام، وضعت تشريعات جديدة بشأن البطاقات الائتمانية تناولت سقوف السحب النقدي والحد الأقصى لأسعار الفائدة. هذا وقام السادة مصرف قطر المركزي في العام 2011 بإنشاء مركز قطر للمعلومات الائتمانية وقام أيضاً بزيادة الأحد الأقصى لإجمالي مخاطر التمويل العقاري إلى 150% من رأس المال والاحتياطات. فأصبح يحق للبنوك الاستثمار في الأسهم ببورصة قطر حتى 150 مليون ريال قطري وذلك ضمن إجمالي سقف الأسهم. فيما أصدر مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي في عام 2011 تشريعات جديدة بخصوص قروض الأفراد والرسوم والحد الأقصى لسقف القروض الشخصية مطبقاً قيوداً على مدد سداد القروض الشخصية. ومن ناحية أخرى، قام بتحديد الحد الأقصى للرسوم المطبقة على المعاملات المصرفية. هذا وقد تم تغيير وتعديل التشريعات التنظيمية في منطقة الخليج بغية تعزيز حوكمة المخاطر والاستقرار المالي في قطاع الخدمات المالية.

أظهرت لجنة بازل تركيزاً على نواحي الحوكمة مثل ممارسات مجلس الإدارة، والإدارة العليا، وإدارة وضوابط المخاطر، والمكافآت، وهيكل الشركات المُعقّد أو المبهم، ومبدأ الإفصاح والشفافية. وقد سنّ مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي تشريعات جديدة تهدف إلى تحسين إدارة مخاطر السيولة وإطار عمل الحوكمة. فيما شملت بعض النواحي الأخرى التي تغطيها تلك التشريعات الجديدة مسؤولية مجلس الإدارة نحو إدارة مخاطر السيولة، ودور الإدارة العليا في رسم استراتيجية السيولة، وعملية الإشراف على مخاطر السيولة وضبطها، واستراتيجيات التمويل المُتَطلّع إليها، واختبارات التحمل الدورية، وخطة التمويل الرسمية في حالة الطوارئ، وأطر العمل المتعلقة بتسعير عمليات تحويل الأموال.

ومن الممكن أن تكون التغييرات القانونية والتنظيمية الأجنبية، التي قد تتجاوز نطاقها الجغرافي، قد ألقت بأثرها على المؤسسات الخليجية. فقانون “الامتثال الضريبي على حسابات الأمريكيين الخارجية” ذي النطاق العالمي يطالب جميع البنوك بالامتثال إلى تشريعات “مصلحة الضرائب” في الولايات المتحدة الأمريكية وذلك عبر الإبلاغ عن مداخيل المواطنين الأمريكيين في الخارج واقتطاع قيمة الضرائب المستحقة عليهم. وفي هذا الشأن، تستلزم الحوكمة المطلوبة من جانب كل بنك، التأكد من تطبيق السياسات والإجراءات الفعالة، وتبني العمليات والضوابط المتينة، والإبلاغ السليم، والتي يجب أن يَشهدُ بصحتها لـ “مصلحة الضرائب” بنكاً رئيسياً يعمل رسمياً بصفته مسؤولاً منتدباً للإبلاغ. ومن ناحية أخرى، يتمتع قانون مكافحة الرشوة البريطاني الصادر عام 2010 بسلطة قضائية على الشركات الأجنبية ذات الحضور التجاري في المملكة المتحدة. إذ إن الغرض من هذا القانون يهدف إلى مكافحة الآثار المترتبة من الرشوة والفساد على الأفراد والشركات على حد سواء، ويحدد المبادئ التي بموجبها يجب أن تكون جميع الشركات قد اتخذت رداً نسبياً تجاه تطبيق الإجراءات، وتقييمات المخاطر، وتحسينات الاستقصاء، والتدريب، والإشراف، والمراجعات.

وتعود حوكمة الشركات على أسواق المال الخليجية بالنفع من حيث أنها تزيد مشاركة المؤسسات فيها، وتتيح نظرة مستقبلية طويلة الأجل عما ستؤول إليه الأمور في السوق، وتشجّع أيضاً على إنتاج مزيد من الأبحاث ذات الجودة العالية. كما أن المستثمرون الدوليين سيودون دفع علاوة على أسعار الأسهم مقابل معايير حوكمة الشركات المتحسّنة. بالإضافة إلى ذلك فأن الاهتمام بحوكمة الشركات، وبمعاييرها ونظمها وإجراءاتها سيعزز من دور صناديق التحوط. هذا وسيحفِّزُ وجود معايير أفضل لحكومة الشركات الاستثمار الأجنبي المباشر وسيدعم من جهة أخرى تطوير أسواق سندات الدين في المنطقة.

ومما لا شك فيه، يتزايد الوعي بالنواحي الإيجابية لحوكمة الشركات بين المؤسسات المملوكة من قبل الأفراد. ويعود السبب في ذلك إلى حد ما، من خلال ما بات واضحاً من الإجراءات التي اتخذها كل من مركز قطر للمال، والسادة مصرف قطر المركزي، وهيئة قطر للأسواق المالية، خلال الأعوام الأخيرة في المؤسسات الخاضعة إلى سلطتهم الإشرافية. وتشمل أولويات الحوكمة في المؤسسات المملوكة من قبل الأفراد على التخطيط للتعاقب الوظيفي، وإدارة الخلافات والإدارة المهنية على مستوى مجلس الإدارة والإدارة العليا. ويبقى القول بأن حوكمة الشركات تسهم في تعزيز الاستقرار المالي واستقطاب الاستثمارات إلى منطقة الخليج.