دعا الاجتماع الذي عقدته مجموعة العشرين في شهر أبريل من العام 2013 إلى تنسيق الجهود فيما بينها للحد من التهرب الضريبي وذلك من خلال حث الحكومات على التبادل التلقائي للبيانات الضريبية بصورة منهجية. وسيمثل النهج الذي تبنته الولايات المتحدة الأمريكية الذي يعرف بتبادل البيانات الضريبية تحولاً كبيراً يختلف عن الإجراءات المتبعة حالياً والتي كان يتعين على الدول بموجبها تقديم تلك المعلومات حال طلبها فقط كما هو الحال عندما يسعي موظفو الضرائب إلى تتبع الدفعات على مستوى الحدود المحلية خلال فترة التدقيق. ولقد أعطى قانون الامتثال الضريبي الأمريكي للحسابات الخارجية “فاتكا” زخماً لهذا النهج الجديد وذلك لإلزامه كل من المواطنين الامريكيين الذين يمتلكون حسابات في الخارج، بالإضافة إلى المؤسسات المالية غير الأمريكية الوفاء بمتطلبات إفصاح مالية ذات شروط صارمة. وتقوم الحكومات بموجب اتفاق التبادل التلقائي للبيانات الضريبية بتحويل كافة بيانات دافعي الضرائب من الأجانب إلى مصلحة الضرائب لدى بلدهم الأم وذلك بشكل دوري بحيث يصعب عبر هذا الإجراء إخفاء أي من الأصول عن محصلي الضرائب.
وفي شهر أبريل من العام 2013، وافقت كل من المملكة المتحدة، وألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا وإسبانيا على تطوير نظام يُسهّل من ملاحقة وتعقب المتهربين من دفع الضرائب وذلك من خلال التبادل التلقائي للمعلومات بين هذه الدول. وقد وافقت لوكسمبرج في شهر أبريل من العام 2013 على تبادل المعلومات مع باقي دول الاتحاد الأوروبي والإفصاح عن بيانات العملاء الأوروبيين الذين يمتلكون حسابات مصرفية لديها. كما توصلت الحكومة البريطانية في شهر مايو من العام 2013 إلى اتفاق مع الجزر الخاضعة لها بما فيها جزر الكايمان، وبرمودا، والجزر العذراء البريطانية يقضي بتبادل المعلومات الخاصة بالحسابات المصرفية وذلك من ضمن الجهود التي تبذلها الحكومة البريطانية في هذا الجانب للحد من ومكافحة التهرب الضريبي. وتخطط المملكة المتحدة مع الدول الثمانية الكبرى إلى تنسيق الجهود العالمية لوقف الشركات المتعددة الجنسيات من استغلال الثغرات القانونية لتحويل الأرباح إلى الملاذات الضريبية.
ويعكس استخدام الأفراد الأثرياء للملاذات الضريبية الخارجية المخاوف التي تنتاب هؤلاء الأفراد من تعرض بنوكهم المحلية للمشاكل المالية والتدخلات الحكومية. ولقد استخدم العديد من هؤلاء الأفراد البنوك المصرفية في سويسرا أو ليختنشتاين لحماية أصولهم المالية من تلك المخاطر. هذا ومن المرجح أن يكون المصدر الرئيسي للملاذات الضريبية الخارجية المستثمرين الأثرياء في الاقتصاديات الناشئة الذي يسعون إلى التنوع الجغرافي في الانشطة الاستثمارية لا للتهرب الضريبي. ولقد كانت الضغوطات المستمرة المطالبة بسد العجز في الاقتصاديات المتقدمة في الآونة الأخيرة من الأسباب الرئيسية التي لفتت الانتباه إلى مكافحة التهرب الضريبي من خلال الملاذات الضريبية الخارجية. هذا ولقد تأثرت الأعمال المالية الخارجية لقبرص بشكل كبير مؤخراً عندما تم الاتفاق بشكل نهائي على تطبيق خطة الإنقاذ الأوربي، ولم تسلم لوكسمبورغ من تلك الضغوط إذ تعرضت إلى ضغوطات عديدة لتغيير تشريعاتها المصرفية من أجل تحقيق تقدم في مكافحة التهرب الضريبي.
تم تأسيس المنتدى العالمي للشفافية وتبادل المعلومات للأغراض الضريبية في سبتمبر 2009 ضمن سياق أعمال منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وذلك للتصدي لمخاطر التهرب الضريبي عبر الملاذات الضريبية الخارجية والامتثال لقرارات مجموعة العشرين لتعزيز تنفيذ هذه المعايير. وتتجه هذه المنظمة في الوقت الحالي إلى اعتماد نظام التقييم الذي سيتم بموجبه تقييم امتثال الدول لاتفاقات الشفافية التي يتوقع تطبيقها في نوفمبر 2013.
وقد أجرت سويسرا محادثات طويلة مع الولايات المتحدة دامت أكثر من عامين لتسوية مزاعم وزارة العدل الأمريكية بشأن مساعدتها للأميركيين في إخفاء المال عن مصلحة الضرائب الأمريكية. وقد اقترحت سويسرا الأسبوع الماضي مشروع قانون يُمهد الطريق أمام بنوك الدول الأخرى لتسوية نزاع التهرب الضريبي مع الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن المشرعون السويسريون قاموا بتأجيل النقاش حول مشروع القانون إلى حين استلام تفاصيل الصفقة التي تخطط الولايات المتحدة تقديمها للبنوك السويسرية. والجدير بالذكر أن الملاذات الضريبية بدأت تبدو أقل جاذبية بوصفها نموذج الأعمال التجارية.