تواجه المؤسسات المالية في الآونة الأخيرة العديد من التحديات المتعلقة بمكافحة غسل الأموال/تمويل الإرهاب. وقد واجه عدد من المؤسسات المالية الدولية قضايا مثل مخالفة قوانين الولايات المتحدة الأمريكية حول مكافحة غسل الأموال. وتعد هذه أحدث التحديات التي تواجه القطاعات المالية العالمية، بالإضافة إلى قضية التلاعب بأسعار الفائدة (الليبور)، هذا في الوقت الذي تقوم فيه المؤسسات المالية العالمية بالعمل على وضع عدد من الإجراءات والتدابير المختلفة في هذا الخصوص. ولقد آن الأوان لمراجعة سيناريوهات مكافحة غسل الأموال السائدة في دول مجلس التعاون الخليجي، إذ يوجد في دول مجلس التعاون الخليجي بعض المعاملات المالية الخاصة غير الشائعة في الدول المتقدمة. ولذلك فمن الضرورة بمكان تفهم هذه المعاملات ودمجها في النظام المالي السائد دون إغفال تطبيق الضوابط الرقابية الكافية. وبالنظر إلى تطبيق توصيات فريق العمل المعني بالتدابير المالية (FATF) حول مكافحة غسل الأموال، فلا شك أن مدى فعالية هذه التوصيات يتوقف على مدى تطابق المفاهيم ذات الصلة مع الوسط المحلي. وقد أدرك فريق العمل المعني بالتدابير المالية (FATF) الخاص بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هذه الحقيقة، وبدأ بداية حسنة في هذا الخصوص.
وقد اقترحت مجموعة العمل اتخاذ عدد من التدابير من أجل تنفيذ المعاملات المالية من خلال الطرق المذكورة أعلاه وفقاً لتوصيات فريق العمل المعني بالتدابير المالية. ومن جانبها، فقد قامت دولة قطر باتخاذ العديد من الخطوات العملية في هذا الخصوص بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001؛ حيث قامت في شهر سبتمبر من عام 2002 بإصدار القانون رقم 28 لسنة 2002. كما صدر المرسوم بقانون رقم 21 في شهر نوفمبر 2003 – (بعد مراجعة تطبيق بعض مواد القانون رقم 22 وتعديلها). كما تم إصدار القانون رقم 3 لسنة 2004 الخاص بمكافحة تمويل الإرهاب. ويعد هذا القانون شاملاً، إذ يتضمن الصلاحيات، واللجان، بالإضافة إلى النواحي التنظيمية والإشرافية وفرض العقوبات.
وتشارك دولة قطر بفاعلية في معظم المؤتمرات والمحافل الدولية التي تتناول هذا الموضوع، مثل مؤتمر الأمم المتحدة ضد التجارة المحظورة للمخدّرات والمواد المثيرة للاضطرابات النفسية – 1988، والمؤتمر العربي لمحاربة تمويل الإرهاب – 1998، ومؤتمر الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب الدولي – 1999، وفريق العمل المعني بالتدابير المالية ومكافحة تمويل الإرهاب من خلال الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليجي العربي، وفريق العمل المعني بالتدابير المالية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في سنة 2005. كما تم إنشاء وحدة المعلومات المالية في قطر في شهر أكتوبر 2004. هذا ويلعب مصرف قطر المركزي دورًا رياديًا ويتخذ إجراءات استباقية فعّالة في تطبيق معايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وتتماشى التوجيهات والتعليمات التي قام بإصدارها مصرف قطر المركزي في الأعوام 1994 و1999 و2005 مع التطورات والمستجدات الدولية في هذا الصدد. وتضمنت هذه التعليمات الكشف عن العمليات المشبوهة، والحيلولة دون تنفيذها، بالإضافة إلى التوصيات (40 + 9) الخاصة بفريق العمل المعني بالتدابير المالية.
هذا وقد جاء فريق العمل المعني بالتدابير المالية مؤخرًا بتوصيات جديدة، منها محاربة تمويل انتشار أسلحة الدمار الشامل من خلال التنفيذ المستمر للعقوبات المالية المستهدفة التي يدعو إليها مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، وتحسين مستويات الشفافية بحيث تجعل من الصعب على المجرمين والإرهابيين إخفاء هوياتهم أو أصولهم وراء أشخاص آخرين وترتيبات قانونية سليمة في الظاهر، ووضع متطلبات أكثر قوة فيما يتعلق بالتعامل مع الشخصيات ذات النفوذ السياسي، وتوسيع نطاق الجرائم الأصلية المرتبطة بغسل الأموال لتشمل الجرائم الخاصة بالضرائب، واتباع منهجية معززة قائمة على حجم المخاطر لتمكين الدول والقطاع الخاص من استخدام مواردهم بصورة أكثر فاعلية وكفاءة عن طريق التركيز على المجالات ذات المخاطر العالية، وإيجاد تعاون دولي أكثر فاعلية، بما في ذلك تبادل المعلومات بين الجهات المختصة المماثلة، وإجراء التحقيقات المشتركة، وتعقب وتجميد ومصادرة الأصول غير المشروعة، وإيجاد أدوات تشغيلية أفضل ونطاق أوسع من الوسائل والإمكانيات لوحدات التقصي المالي، وتفعيل تطبيق القانون فيما يتعلق بالتحقيق في عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب ومعاقبة القائمين عليها.
ويجب على كافة البنوك في دولة قطر إنشاء نظام مناسب للمراقبة وتعيين موظف مؤهل للقيام بمهام مكافحة غسل الأموال، على أن يتولى شئون: السياسات والإجراءات، وقواعد ومعايير مبدأ “اعرف عميلك”، وقائمة “المواطنين المحددين لاعتبارات خاصة”، ومكتب مراقبة الأصول الأجنبية، والعملاء المدرجين في القوائم السوداء، والمعاملات المشبوهة (الإبلاغ والاحتفاظ بالسجلات ذات الصلة)، وتوعية الموظفين بشأن لوائح وتعليمات مكافحة غسل الأموال.
هذا ويقوم قسم مكافحة غسل الأموال/تمويل الإرهاب لدى السادة/ مصرف قطر المركزي، ووحداته التابعة، بتنفيذ عدد من المهام، من بينها متابعة ودراسة أفضل الممارسات الدولية والقوانين المتعلقة بمكافحة غسل الأموال/تمويل الإرهاب من أجل مواكبة ورصد التطورات المتعلقة بمكافحة غسل الأموال/تمويل الإرهاب على الصعيدين المحلي والدولي، ومتابعة القضايا التي تتطلب التعاون المشترك بين كافة السلطات والجهات الرقابية والتنظيمية فيما يتعلق بمكافحة غسل الأموال/تمويل الإرهاب، وتنسيق كافة المراسلات والاتصالات الرسمية بين المصرف المركزي واللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والاستمرار في تنفيذ عمليات الرقابة على المواقع الخارجية بالإضافة إلى تفتيش المكاتب التابعة إلى كافة المؤسسات المالية التي تخضع لتنظيم وإشراف السادة/ مصرف قطر المركزي من أجل متابعة كافة القضايا المتعلقة بمكافحة غسل الأموال/ تمويل الإرهاب بالتنسيق مع كافة المؤسسات المالية التي تخضع لتنظيم وإشراف السادة/ مصرف قطر المركزي، والتأكد من التزام كافة المؤسسات المالية التي تخضع لتنظيم وإشراف السادة/ مصرف قطر المركزي بالمتطلبات القانونية واللوائح والتعليمات المتعلقة بمكافحة غسل الأموال/ تمويل الإرهاب الصادرة عن السادة/ مصرف قطر المركزي وكافة الجهات المعنية الأخرى، وتنفيذ كافة القرارات المتعلقة بمكافحة غسل الأموال/ تمويل الإرهاب الصادرة عن كافة الجهات ذات الصلة، والاحتفاظ بسجلات القضايا والعمليات التي تخص مكافحة غسل الأموال/ تمويل الإرهاب.
وبذلك فلا شك أن دولة قطر ملتزمة تمامًا بمعايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.