تصادف هذه الأيام ذكرى مرور أربعين عاماً على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليابان ودولة قطر. ومنذ تأسيس دولة قطر عام 1972 انطلقت بوادر التعاون بين البلدين عبر قيام الشركات اليابانية بتعهد تنفيذ عقود إنشاء ميناء راس لفان الذي يغذي في يومنا الحالي الاقتصاد القطري، وعندما بدأ هذا الميناء بالعمل عام 1996 انطلقت منه أول شحنة من الغاز الطبيعي المسال إلى اليابان. واليوم تعد اليابان الشريك التجاري الأكبر بالنسبة إلى دولة قطر. ونظراً إلى العلاقات المتينة التي تربط البلدين فبإمكان البلدين العمل سوياً في مجالات جديدة عدا تلك المتعلقة بقطاع الهيدروكربون. وعندما باشرت دولة قطر بتنفيذ خططها المتعلقة بتطوير وإنشاء بنية تحتية ضخمة لقطاع الطاقة في البلاد، لعبت الشركات اليابانية الرائدة دوراً رئيسياً في تخطيط وتنفيذ تلك المشاريع. وبالحديث عن الصادرات اليابانية إلى قطر – التي تعد ثالث أكبر شريك تجاري لليابان في منطقة الخليج – والتي تأتي المركبات في مقدمتها، فقد ارتفعت بنسبة 36.49% لتصل إلى 31.2 مليار دولار أمريكي خلال عام 2011 حيث أن المركبات اليابانية تمثل نسبة 70% من المركبات التي تسير على الطرقات في قطر ومن تلك النسبة تستحوذ سيارات تويوتا على حصة قدرها 40%. في حين ارتفع حجم واردات اليابان من الغاز القطري بنسبة 44.47% ليصل إلى 15.83 مليون طن خلال عام 2011 علماً أنه كان قد بلغ 10.98 مليون طن في عام 2010. فيما تمثلت واردات اليابان الأخرى من قطر في الألمونيوم، والمواد الكيميائية العضوية، والحديد، والفولاذ، والمواد البلاستيكية إضافة إلى الأسمدة. وبالفعل أثبتت العلاقات الثنائية الطويلة مع اليابان عمق صداقتها الحقيقية لدولة قطر.
وفي الآونة الأخيرة أعلنت شركة كانساي للطاقة الكهربائية عن إبرامها عقداً مع شركة قطر للغاز “أكبر منتج للغاز الطبيعي المسال في العالم” يتضمن شراء 500,000 طن سنوياً من الغاز الطبيعي المسال ولمدة 15 عاماً ابتداءً من شهر يناير 2013. ويأتي إبرام هذا العقد الجديد ليضاف إلى العقد الحالي المبرم مع شركة قطر للغاز 3 والمتضمن شراء 290,000 من الغاز الطبيعي المسال سنوياً لمدة 23 عاماً ابتداءً من عام 1999 ولغاية عام 2021. لقد عملت الشركة على زيادة مشترياتها الفورية من الغاز الطبيعي المسال القطري لسد الفراغ الذي خلفه تعطل معامل الطاقة النووية نتيجة الزلزال المدمر الذي ضرب اليابان في شهر مارس 2011 مسبباً أضراراً جسيمة في مفاعل فوكوشيما دايتشي لتوليد الطاقة الكهربائية في طوكيو أدت إلى توقفه عن العمل. ومن جهتها أعلنت شركة طوكيو للطاقة الكهربائية خلال شهر يونيو 2012 عن إبرامها عقداً جديداً مع قطر للغاز يتضمن شراء مليون طن سنوياً من الغاز الطبيعي المسال ابتداءً من أغسطس 2012.
وفيما يتعلق بحجم التجارة الثنائية بين اليابان ودول مجلس التعاون الخليجي فقد شهدت نمواً بنسبة 32.5% في عام 2011 لتصل إلى 162.2 مليار دولار أمريكي وذلك بمقارنتها بمبلغ 122.4 مليار دولار أمريكي حققته خلال عام 2010. وتعزى تلك الزيادة إلى الارتفاع الذي شهدته الأسعار بالإضافة إلى حجم الوقود الذي استوردته اليابان من دول مجلس التعاون الخليجي خلال العام نفسه.
وبينما ارتفعت واردات اليابان من دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 39.4% لتصل إلى 142.6 مليار دولار أمريكي في سنة 2011، فقد سجلت صادراتها إلى دول مجلس التعاون الخليجي خلال العام نفسه انخفاضاً بلغت نسبته 2.2% لتبلغ قيمتها 19.6 مليار دولار أمريكي وذلك بعدما حققت مبلغاً قدره 20.1 مليار دولار أمريكي في العام 2010. وعليه فقد ارتفعت نسبة العجز في التبادل التجاري بين اليابان ودول مجلس التعاون الخليجي الستة بنسبة 49.5% ووصل من حيث القيمة إلى 122.9 مليار دولار أمريكي في سنة 2011 مقارنة بالقيمة التي سجلها عام 2010 والتي بلغت 82.3 مليار دولار أمريكي.
بلغ إجمالي النفط الخام الذي استوردته اليابان من دول مجلس التعاون الخليجي 987.7 مليون برميل في عام 2011 مقارنة بـ 991.5 مليون برميل تم استيرادها عام 2010. ومن ناحية أخرى، حافظت السيارات اليابانية على الصدارة بالنسبة إلى صادرات اليابان من السلع خلال عام 2011. وتبلغ قيمة السيارات التي قامت بتصديرها اليابان إلى دول مجلس التعاون الخليجي 10.03 مليار دولار أمريكي في عام 2011 مقارنةً بـ 11.62 مليار دولار أمريكي في عام 2010. فيما ارتفعت نسبة صادرات اليابان من الآلات التي تحتل المرتبة الثانية في قائمة الصادرات إلى دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 24.08% في عام 2011 وبلغت قيمتها 3.47 مليار دولار أمريكي ويعزى هذا الارتفاع إلى الإقبال المتزايد على مختلف أنواع الآلات التي تشمل المضخات، والضاغطات، والرافعات البرجية، والتوربينات الغازية أو البخارية …إلخ. وتتمثل السلعة الرئيسية الأخرى التي تقوم اليابان بتصديرها إلى دول مجلس التعاون الخليجي في المنتجات المطاطية، وخاصة الدواليب الجديدة حيث بلغت قيمة صادرات اليابان من المنتجات المطاطية إلى دول مجلس التعاون الخليجي 1.19 مليار دولار في عام 2011.
تمتلك اليابان قطاعاً منتجاً في مجال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة حيث يتلقى هذا القطاع دعماً كبيراً من الحكومة اليابانية عبر تزويده بالبنية التحتية اللازمة والقوى العاملة الماهرة. ويتمثل سعي الشركات اليابانية إلى الدخول في شراكات أكثر من قيامها بالاستثمار المباشر في تركيز اليابان على التحالفات المشتركة التي تتضمن تنفيذ مشاريع ضخمة. وفي هذا الشأن، ربحت الشركتان اليابانيتان العملاقتان “ميتسوبيشي” و “هيتاشي” حقوق المفاوضات والمتعلقة بإنشاء أكبر محطة تحلية مياه في قطر. والجدير بالذكر أن هناك أكثر من 30 شركة يابانية تعمل في قطر مثل “إيتوشو” و “نيسشو آيواي”. هذا وتقدم شركات الشحن اليابانية التي تضم شركة “إن واي كي” و “متيتسو أو إس كي” و “إينو للشحن” خدماتها ذات الخبرة الطويلة في مجال نقل الغاز الطبيعي المسال متحولةً بذلك إلى مساهم و/أو مشغل للبواخر العشر الأولى التي امتلكتها قطر.