وفقاً لإحصائيات وزارة الزراعة الأمريكية، فهناك ما يقرب من 850 مليون شخص في 77 بلداً ذات الدخل المنخفض يعانون من نقص الغذاء، علاوة على أن نقص فرص الحصول على غذاء كافي يرتبط بشكل وثيق بقضايا الفقر والجهل. وتعد الحروب والأمراض والتدهور البيئي بالإضافة إلى مجموعة من القضايا الأخرى من ضمن المعوقات الرئيسية التي تحول دون تمتع الأشخاص بالتغذية الكافية من أجل عيش حياة صحية وكريمة. ويقطن الغالبية العظمى من الأشخاص الذي يعانون من نقص التغذية في الدول النامية التي تتركز معظمها في قارتي أفريقيا وآسيا. هذا وستواصل الأسعار تقلباتها إذا ساد الطقس السيئ على ما هو عليه الأمر الذي سيعرض الأمن الغذائي للعديد من المخاطر. وتعد زيادة النمو في التعداد السكاني والتغييرات المناخية من التحديات الرئيسية التي تواجه الأمن الغذائي. وبحلول عام 2050، سيرتفع الإنتاج العالمي من الغذاء إلى 70% حيث سيزداد التعداد السكاني العالمي إلى 9.1% مليار نسمة وفقاً لإحصائية منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة. والجدير بالذكر بأنه لا يمكن النظر إلى مشاكل الأمن الغذائي والفقر والتغييرات المناجية بشكل منفصل وذلك لارتباطهما الوثيق ببعضها البعض. وهناك كذلك فرص للمساعدة في تلبية أهداف الأمن الغذائي عبر الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن الزراعة وزيادة معدلات تنحية أيونات الكربون من التربة. هذا وتعد الزراعة الذكية مناخياً قوة دافعة لزيادة معدلات النمو الأخضر في العالم.
وقد أظهر مؤشر أسعار الغذاء التابع للبنك الدولي تراجع الأسعار العالمية للقمح بنسبة 2%، وللسكر بنسبة 2% ولزيت فول الصويا بنسبة 11%، وللذرة بنسبة 1% وذلك خلال الفترة الممتدة ما بين شهري فبراير ويونيو 2013. وقد ساعد تحسن الأحوال الجوية هذا العام بعد الجفاف الذي شهده العام الماضي في زيادة إنتاج القمح. ويتوقع البنك الدولي استمرار مواسم الحصاد الجيدة من المنتجين الرئيسيين طالما أن الأحوال الجوية السيئة في شمال ووسط أوروبا وروسيا والصين لم تؤثر على الإنتاج. هذا وقد حث كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي الدول على إلغاء الدعم على المواد الغذائية الاستهلاكية لتخفيف الضغوط على الموازنات الحكومية وزيادة المخصصات المالية لقطاعي الصحة والتعليم.
هناك تدابير عديدة لدعم الأمن الغذائي، وتتضمن هذه التدابير دمج الأمن الغذائي والزراعة المستدامة في السياسات العالمية والمحلية، وزيادة مستوى الاستثمار الزراعي، وزيادة الإنتاج الزراعي بشكل مستدام، ومساعدة البلدان المعرضة للتغير المناخي في التكيف على هذا الأمر، وإعادة تشكيل أنماط الوصول إلى الغذاء وأنماط الاستهلاك، وضمان تلبية الاحتياجات الغذائية الأساسية، وتقليل حجم المواد الغذائية المهدرة أثناء الإنتاج، وتطوير أنظمة معلوماتية شاملة ومتكاملة ومشتركة لرصد التغييرات في استخدام الأراضي وإنتاج الغذاء وتغير المناخ.
ومن جانبها، تبحث دول مجلس التعاون الخليجي الاحتفاظ باحتياطيات استراتيجية طويلة الأجل من المواد الغذائية كما تعمل على وضع استراتيجيات لتأمين إمداداتها من الغذاء. وجدير بالذكر أن دول مجلس التعاون الخليجي تعتمد على الاستيراد بشكل أساسي لاحتياجاتها من الخضروات واللحوم والحبوب. كما أن دول الخليج مصنفة من قِبل منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة بأنها تعاني من ندرة كبيرة في المياه. وتبلغ معدلات الاستهلاك في دول مجلس التعاون الخليجي أضعاف معدلات قدرة مواردها الطبيعية على التجديد. وبالنتيجة، تُضْحي الاحتياطات المائية أكثر ملوحةً ونضوباً. وبالنسبة إلى الزراعة، والتي تعتمد على المياه الجوفية بشكل عام، فهي تستهلك الحصة الأكبر من إجمالي مصادر المياه التقليدية.
وفي شهر ديسمبر من عام 2012، اتفقت الدول الخليجية على إطلاق شركات تتمثل مهمتها في تحقيق الأمن الغذائي بالمنطقة في ظل عدم استقرار أسواق الغذاء العالمية وتراجع مساحة الأراضي الصالحة للزراعة وانحسار الموارد المائية. كما اتفقت الدول الخليجية على صياغة استراتيجية موّحدة للتعاون مع البلدان العربية الأخرى التي تمتلك مساحات كبيرة من الأراضي الصالحة للزارعة مثل السودان والمغرب واليمن بالإضافة إلى بلدان أفريقيا. وفي هذا الشأن، تعتزم الدول الخليجية توظيف أحدث التقنيات الشمسية لإنتاج قدر كافي من مياه التحلية بحيث يتم استخدامها في ري محاصيل زراعية معينة في المنطقة. هذا ومن المقرر أن تطلق الدول الخليجية خلال عام 2014 ما يسمى “التحالف العالمي للأراضي الجافة” بغرض التعامل مع قضايا شح المياه والأمن الغذائي في 51 بلداً. ومن جهته، يعمل برنامج قطر الوطني للأمن الغذائي على تطوير استراتيجية طويلة الأجل تهدف إلى تمكين دولة قطر من زيادة إنتاجها المحلي من الغذاء بصورة كبيرة خلال العقود القادمة بالإضافة إلى تعزيز أمن وارداتها من باقي الأغذية. كما يقوم برنامج قطر الوطني للأمن الغذائي بالعمل على تطوير خطة تركز على نواحي مثل الزراعة بالاعتماد على التكنولوجيا، وتكريس الموارد المائية، وإشراك المؤسسات الخاصة، وبناء الإمكانيات.