أنهى بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برنامج شراء الأصول بتاريخ 29 أكتوبر 2014. ونتيجة لذلك، تعزز مؤشر الدولار الأمريكي ووصل إلى أعلى مستوياته في ثلاث سنوات عند 87.6 في شهر نوفمبر 2014 بالمقارنة مع 77.3 في شهر نوفمبر من عام 2011. وقد ارتفع مؤشر الدولار الأمريكي على خلفية تحسن ثقة المستهلكين، والبيانات المتعلقة بالوظائف، والتعافي الذي شهده الطلب على المنازل. وقد أغلقت الأسواق الأمريكية عند مستويات قياسية عالية، بينما هبط كل من اليورو والجنية الإسترليني والين الياباني مقابل الدولار الأمريكي منذ الإعلان عن انتهاء برنامج شراء الأصول. كما ضعفت البيانات الاقتصادية في كل من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا بالمقارنة مع الشهور السابقة. وبقي معدل البطالة في منطقة اليورو دون تغيير عند مستوى 11.5% في شهر أكتوبر بالمقارنة مع الشهر السابق. وفي شهر سبتمبر 2014، توقع البنك المركزي الأوروبي أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لمنطقة اليورو بنسبة 0.9% في عام 2014 و1.6% في عام 2015 و1.9% في عام 2016.
من جانب آخر، قام البنك المركزي الأوروبي بخفض أسعار الفائدة على الودائع إلى -0.2% في شهر سبتمبر 2014 لحفز النمو الاقتصادي في منطقة اليورو. وقد هبط اليورو بنسبة 9.7% هذا العام ليصل إلى 1.2455 دولار أمريكي. وجاء هذا الانخفاض نتيجة للنمو الذي كان أقل من التوقعات، وبسبب تراجع الإنتاج الصناعي، وتباطؤ مبيعات التجزئة، وإخفاق 25 بنكًا في اجتياز اختبارات التحمل التي أجراها البنك المركزي الأوروبي، هذا بالإضافة إلى تحسن الدولار الأمريكي. وقد شهدت المملكة المتحدة ارتفاعا في أسعار المساكن، غير أن الجنية الإسترليني تراجع بنسبة 4.2% ليصل إلى 1.5869 دولار أمريكي.
قام البنك المركزي الياباني بتطبيق تدابير تيسيرية إضافية خلال اجتماع الســـياسة النقدية المنعقد بتاريخ 31 أكتوبر 2014، ورفع القاعدة النقدية من 60 تريليون ين ياباني إلى 80 تريليون. وأعلن البنك المركزي الياباني أنه وإلى أن يتم تحقيق مستوى الاستقرار المستهدف في الأسعار عند 2%، فإنه سيزيد حيازته من السندات الحكومية اليابانية وصناديق الاستثمار المتداولة والاستثمارات العقارية. وقد ارتفع مؤشر أسعار المستهلك في اليابان بنسبة 1% في شهر سبتمبر، فيما تراجعت الضغوط التضخمية على خلفية الزيادة في الضرائب الاستهلاكية بالإضافة إلى تراجع الضغط على الأسعار نتيجة لهبوط أسعار النفط، وهو ما يزيد من فرص انخفاض التضخم. هذا وقد عدّل البنك المركزي الياباني من توقعاته الخاصة بنمو الناتج المحلي الإجمالي للسنة المالية 2014 من 1% إلى 0.5% كما في يوليو 2014 و1.4% كما في أبريل 2013. وقد انخفض الين الياباني بنسبة 8.9% ليصل إلى 114.60 في مقابل الدولار الأمريكي. وربما يشهد الين الياباني المزيد من الانخفاض إذا لم يتم تحقيق مستوى التضخم المستهدف عند 2%، وهو ما قد يدفع البنك المركزي الياباني إلى تطبيق المزيد من التدابير التيسيرية.
وقد شهدت الأسواق الناشئة مثل روسيا هبوطًا حادًا في عملاتها في مقابل الدولار الأمريكي على خلفية إنهاء برامج التسهيل الكمي وعدم الوضوح بشأن تعافي النمو الاقتصادي. وتراجع الريال البرازيلي بنسبة تزيد عن 8.3% ليصل إلى 2.5587 مقابل الدولار الأمريكي هذا العام، فيما سجل الروبل الروسي انخفاضًا بنسبة 42.2% ليصل إلى 46.7232 مقابل الدولار الأمريكي هذا العام. وتحيط بالريال البرازيلي تخوفات بشأن ارتفاع مستوى التضخم وزيادة النمو، في حين هبط الروبل الروسي نتيجة للتوترات السياسية مع أوكرانيا والتعثر الاقتصادي.
وفي الصين، تعهد صانعو السياسات بالتحرك تدريجيًا نحو تحرير عملية اليوان بشكل كامل بحيث يتم شراؤها وبيعها بحرية. وقد قام بنك الشعب الصيني في شهر يونيو 2010 بإلغاء ارتباط عملة اليوان بالدولار الأمريكي. وقد انخفض اليوان بنسبة 1.1% ليصل إلى 6.1224 مقابل الدولار الأمريكي هذا العام. هذا وقد شهدت العلاقات الثنائية الخليجية الصينية نموًا كبيرًا وهذا من شأنه أن يزيد من نسبة استخدام اليوان. وبحسب جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك (السويفت)، تخطت عملة اليوان عملة اليورو باعتبارها العملة الثانية الأكثر استخداما في التمويل التجاري. وقد أظهرت الروبية الهندية مرونة في مقابل الدولار الأمريكي بالمقارنة مع عملات الأسواق الناشئة الأخرى، إذ تحسنت بنسبة 0.26% لتصل إلى 61.6362 مقابل الدولار الأمريكي هذا العام. وجاء تحسن الروبية كنتيجة للإصلاحات التي تنفذها الحكومة الجديدة وقيام صندوق النقد الدولي برفع توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي للهند بالإضافة إلى توقعاته بأن تؤدي الإصلاحات الجارية إلى تدفق المزيد من الأموال الأجنبية إلى البلاد. من ناحية أخرى، انخفض سعر كل من خام غرب تكساس الوسيط وخام برنت بنسبة 20.1% و24.7% على التوالي حتى الآن نتيجة لانتهاء برنامج التسهيل الكمي من قِبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وتراجع المخاوف المتعلقة بالتوترات بين روسيا وأوكرانيا، وتعافي إنتاج النفط الليبي، وزيادة المعروض من النفط بصفة عامة، بالإضافة إلى المخاوف الخاصة بنمو الاقتصاد العالمي.
من ناحية أخرى، أعلن صندوق معاشات التقاعد الحكومي في اليابان الذي تبلغ قيمته 1.2 تريليون دولار اعتزامه القيام بخطوات جريئة تتضمن خفض الأموال التي يضعها في السندات المحلية وتكثيف استثماراته في الأسهم، إذ سيعمل على زيادة مخصصاته للأسهم اليابانية والأجنبية إلى 25% لكل منها مع خفض مخصصاته لأدوات الدين المحلية إلى 35% من الأصول وزيادة الاستثمار في السندات الخارجية إلى 15%. ويهدف هذا التحول الكبير الذي تبناه صندوق معاشات التقاعد الحكومي في اليابان إلى تعزيز دخول التقاعد للمشتركين في الصندوق والبالغ عددهم 67 مليون مشترك. وقد تفاعلت الأسواق المالية بإيجابية مع التدابير التيسيرية التي أعلن عنها البنك المركزي الياباني. وسوف تزداد قوة “الدولار الأمريكي والين الياباني” معاً حيث قد لا تتفق التوقعات التضخمية مع وتيرة متطلبات البنك المركزي الياباني، وهو ما يعد أمرًا إيجابيًا بالنسبة إلى اليابان التي تعدّ أحد أكبر الدول المصدرة للسيارات والإلكترونيات وغيرها من المستلزمات. ومع قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بإنهاء برنامج التسهيل الكمي وبدء العدّ التنازلي للارتفاع المرتقب في أسعار الفائدة بحلول الربع الثاني من عام 2015، فقد يؤدي ذلك إلى استمرار تذبذب أسواق العملات في الفترة القادمة. ولن يتمكن من إنعاش النمو الاقتصادي سوى الاقتصاديات القادرة على تقوية سياساتها المالية والنقدية.